في فناءِ حديقة منزلها ، ألقتْ بجسدها على كرسيها المتحرك ...
تتلاعبُ به يمنةً ويسرةً ...
تُمسِك بأحد الزهور التي على يمينها... ترددتْ في قطفتها ؟؟!! ... قطعتها !!! ... أمام عينيها عصفورٌ يغردُ فوق شجرةٍ ... إيقاعٌ متناسقٌ ...
تأملتْ حركة العصفور وأمعنتْ النظرَ في حيويته ونشاطه ... أعاد لها هذا المنظر مسلسل الأحزان ... آهٍ ... وآهٍ ... ثم آه ...
زمنٌ قاسي ... نبحثُ فيه عن مستقبلٍ مجهولٍ في ظلمات التيه وغموض الجهة ...
... ... ...
تتحدثُ للزهرة: أأنتِ مثلي يا ( زهرة ) ؟؟!! حزينةٌ ؟ كئيبةٌ ؟ متضايقةٌ ؟ ... أظنك لا!!! لستِ مثلي...
خُذي يا ( زهرة ) بعضاً مما سأبوحُ لك به وبما يدور في غُرُفَاتِ قلبي ويسيطرُ على كلِّ جوانحي ...
مضى على تخرجي سنونٌ ثلاث ؟؟!! ... قتلني الفراغ ... أُصِبْتُ بالملل ... يوميات روتينية ... تشغلني أمور كثيرة ... وهموم جمَّة ...
هم الوظيفة يشغل بالي ...
هم الزواج يعكر مزاجي ...
هَمٌ ... وهَمٌ ... وأيُّ هَمٍّ ...
... آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ...
حَصَلَتْ مواقف لي مع صديقاتي ...
خذي يا ( زهرة ) على سبيل المثال : قبل أسبوع اتصلتُ على (هيفاء) لي عن أخبارها زمن طويل مايقارب السنتين سألتها عن حالها وأردتُ الاطمئنان عليها ... قاطعتني ...
: (سارة) قولي لي مبارك عليك ... بحمد الله توظفتُ منذ فترة طويلة ... !!! .
موقف آخر ولكن بصورة ثانية ... اتصلتُ على (سمية) ردَّت قائلة: هنئيني يا(سارة) تزوجت قبيل أشهر معدودة ...
اعذريني لم استطع دعوتك لأنني انشغلت طيلة تلك المدة بترتيب أمور الزواج
ما (لينا) فقد زرتها في بيتها كعادتي بين الفينة والأخرى أزورها ... أخبرتني أن أحدهم تقدم لخطبتها وموعد زواجها بعد أشهر ...
وجدتها منهمكةً ومشغولةً بأمور زواجها ...!!! آه ... وآه ... وآه
يا ( زهرة ) هل تريدين المزيد من المعاناة التي أمر بها ... هذا جزءٌ فقط وإلا فالهموم التي تشغل بالنا نحن معاشر الفتيات كثيرة وكثيرة ... وكثيرة ...
أيتها الزهراء الحسناء : بحت لك باليسير مما في مكنوناتي علَّكِ تشفي غليلي وتخففي من آلامي ومن الهموم التي تسيطر علي ... فهل أنت كذلك ؟؟!!
... ... ...
أخذت (سارة) تدوِّرُ غصن الزهرة بين أصابع يدها وتحركها هنا وهناك ... والابتسامة تعلو في محياها وفي قرارة نفسها أن لا تستسلم لهذه الهموم والغموم والأحزان والمآسي والكآبة التي تشغلها .. فإن ماحصل لها هو بقضاء وقدر ...
قالت في نفسها : ربما مايحصل هو خير لي وأني لا أدري ...
... ... ...
وهي غارقة في تفكيرها ،ودراسة واقعها، لم تنتبه للوقت !!! فالحديث مع الزهرة كان ذو شجون .. قارب الوقت على المغيب ...
حركت الكرسي حركتين ثم نهضت وألقت الزهرة على الأرض ... وولجت لبيتها ،والأمل يسيطر على كل جوانحها ، وهي متفائلة بالحياة ،راضية بما فيه من واقع ... متوجهة إلى ربها بخالص الدعوات؛ ليفرج همها وييسر أمرها ...
يقول إيليا أبوماضي :
قـال: السـمـــاءُ كـئــيــبـة وتـجـهّــمــا **** قلت: ابتسم يكفي التجهم في السماء
قـال: الــليالي جـــرعـتــنـي عـلـقــمـا **** قلت: ابتـسم ولئـن جُـرعت العـلقما
فــلــعــل غـيرك إن رآك مــرنِّــمــــا **** تــرك الــكـــآبــة جــانــبــا وتـرنما
أتــراك تــغـنـم بــالـتَّــبــرم درهــمــا **** أم أنــت تخــســر بالبشاشة مـعنـمـا
يـاصاحِ، لاخـطـر عـلـى شفــتيـك أن **** تـتـثـلمـا والـوجـــه أن يتــخــصــما
فاضحك فإن الشَّهب تضحك والدّجى **** مـتـلاطـــم ولــذا نـحــب الأنــجــمـا
قـال: البـشاشـة ليـس تُسعـد كــائــنــا **** يـأتـي إلـى الـدنيـا ويـذهــب مـرغما
قـلـت: ابـتسـم مـــادام بيــنك والردى **** شـبرٌ فـإنـك بـــعــد لـــن تـتـبـسـمــا
النبيل
16/1/2009م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق