بنات المربية

حنين ، أشواق ، أماني ...
ذوات العشرين ربيعا ونيّفا ... ضمّهُن بيتٌ واحد وأمٌ واحدة ... أغدقت عليهن بالحبِ والعطفِ والحنانِ ...
قامتْ بتربيتهن وأحسنتْ وأجادتْ ما قامتْ به ...
يذهبن سوياً إلى المدرسة ... متفاهمات في كل أمورهن ... انسجامٌ تام ... تشاور متبادل ... قلوبٌ ثلاثة في قلبٍ واحد ..
يُطْلَق عليهن في الحي بناتُ المربية ...!!! لم يعرفنْ سببَ هذه التسمية ؛ ولكنهن عُرِفنْ بها ...
حينما يسألنْ أُمهن المربية أين أبونا ؟؟!! تُخبرهن بأنه فارقَ الحياة وهن صغيرات ...
*** *** ***


حنين في ذات مساء توجهت لزيارة صديقة لها ...
نهاية الزيارة سألتها صديقتها : كيف مات أبوك ؟
- لا أعلم ...
- ألم تخبرك أمك عن كيفية موته ؟
- لا ...
- هناك فارق بينكن في الشبه ؟؟؟!!!
- !!! صح ...!!!
يقطع حديثهن والد صديقتها : بُنَيتي هلْ تريدين أن أجلب لك أي حاجة ....
- شكرا أبتاه ... حفظك المولى وأعادك إلينا بالسلامة ..
تقطّع قلبُ حنين حزنا لِما رأته أمامها من مشهد ونزلتْ دمعةٌ استطاعت إخفائها بطريقة ما ...!!!
استأذنت بالانصراف وعادت إلى بيتها ...
*** *** ***
أما أشواق فعلى مقاعد الدارسة كعـادتهـا بشوشة مـع كـل صديقاتـهـا ... يُفضلنْ الجلوس إليها والسماع لحديثها ...
تكرر معها مشهد ( حنين ) لكنه بطابع آخر ...
فتاة وقحة أرادت أن تستفزها وتجرح مشاعرها ...
قالت : هههههههه بنت لا تعرف سبب وفاة أبيها ...؟؟؟!!!
نظرتْ أشواق إليها والتوجع والأسى قد بلغ بها مبلغه ... التزمت الصمت
*** *** ***
في البيت اجتمعن على مائدة العشاء تبوح حنين بمشهدها ونثرت أشواق تفاصيل حادثها ... أجهشن بالبكاء جميعا ...
أماني أكبرهن سنا بأشهر ... أعقلهن وأفضلهن ... حاولت أن تهدئ من روعاتهن وتخفف من معاناتهن ...
*** *** ***
عمار ابن الجيران ... ألح على أمه أن يتزوج بأماني ...
رأى فيها الدين والخلق والعفة ...
رفضت أمه وبشدة طلبه !!!...
- عمار : لماذا يا أماه ؟
- لست موافقة عليها ؟
- أهناك سبب ؟
- قلت لك لا ... خلاص ...
لم يقتنع عمار بجواب أمه ... راح يبحث عن الجواب الذي طالما انتظره ...
*** *** ***
الحاج سعيد رجل كبير مُسِنٌ في الحي ... يُشار إليه بالحكمة والمشورة ...
توجه عمار قاصدا إياه ... سأله عن بنات المربية ...
لم يتردد ولم يتوانَ الحاج سعيد في إخباره بالجواب ...
أدرك عمار سبب رفض أمه الزواج من أماني ...!!!
*** *** ***
في صبيحة اليوم التالي عند باب منزلها تجرأ عمار في التحدث إلى أماني ...
أخبرها بمشاعره وأنه مُقبلٌ على خطبتها ...
تحدث لها عن رفض أمه ...
!!!!
أخبرها بما قال له الحاج سعيد ...!!!
أُغمي عليها في اللحظة نفسها ...
عمارٌ ينادي أخواتها ...
استطعن أن يصعدن بها إلى البيت ...
بعد وقت لا بأس به ...
تُفيق أماني من غيبوبتها ...
لأول مرة يشاهدن أختهن بهذه الصورة ...
- مابك أماني ؟؟؟!!!
- هل أصابك مكروه ؟؟؟
- تبكي وتزدادا بكاءا ...!!
الأم المربية على يمنيها ...
- بُنيتي ماذا حصل لك ؟
- أماه هل صحيح ما أخبرني به عمار...؟؟؟!!!
- ماذا ؟
- هل صحيح أننا ... ... ... ؟؟؟!!!
*** *** ***
بدأت الأم المربية بسرد الحقيقة التي لطالما حرصت على إخفائها عنهن ...
قالت : عِشتُ في هذه المعمورة وحيدة مثلكن ... لا أعرف أبا ولا أما لي ...
وجدت نفسي وحيدة في هذا البيت ... ونشأت مثلكن ...
في صبيحة يوم ذهبت إلى المستشفى لأزور جارة لي ...
قبل خروجي من المستشفى ... تنادي امرأة مسنة تعمل في خدمة الممرضات في المستشفى ...
بصوت حزين : هل من مربٍ لثلاث بنات صغيرات ؟؟؟...
هل من يستر عليهن ...؟؟؟ هل و هل و هل ....
لم أستطع الحراك ... قدماي تصلبتا ...
أخذتكن وربيتكن وأحسنت تربيتكن ... أهل الخير والإحسان والبر كانوا ولا زالوا يعينونني في تربيتكن ...
قاطعتها حنين وهي تمسح دمعة بريئة من خدها : أين أمنا إذا ؟؟؟
المربية : هذا السؤال لا أعرف له إجابة يا بُنيتي ...
أشواق : وأين أبونا ؟؟؟!!
المربية : لا أدري ...
أماني بصوت حزين منكسر : نحن إذا بنات السفاح ...!!!
بكى ... حزن ... دموع
ألم يسيطر على الموقف ...
الأم المربية استطاعت أن تصبر بناتها الغاليات وتهدئ من أحزانهن ...
*** *** ***
عمار في نهاية المطاف استطاع أن يقنع أمه بالزواج من أماني ... خطبها من المحكمة الشرعية وتزوج بها ...
لم يمضِ عام واحد إلا وحنين وأشواق تزوجتا هما أيضا ...
أسدل الستار على قصة أليمة وأحداث عصيبة ...
أصبحت المربية وحيدة في بيتها ... تذهب بين الفينة والأخرى إلى المستشفى لترى ما إذا كان هناك بنت أوولد لتقوم بدور الأم الضائعة والأب الشارد ...
في وقت أعدمت الفضيلة فيه ... وبيعت الأنفس الشريفة بأبخس الأثمان ...
كان ولايزال أبطالها ( ذئاب مسعورة بشرية ) و (ضحاياها ........) ( ضع الجواب المناسب في الفراغ ) .....



النبيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق